الأربعاء، 14 مارس 2012

السحر وطريقة علاجه


السحر وطريقة علاجه
  حكم تعاطي السحر
  س : كثر في هذا العصر تعـاطي السحر وإتيان السحـرة ، فمـا حكم ذلك ؟ وما الطريقة المباحة لعلاج المسحور ؟
     الجواب : السحر من أعظم الكبائر والموبقات ، بل هو من نواقض الإسلام ، كما قال الله - عز وجل - في كتابه الكـريم : ( وَاتَّبَعواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَـا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَـآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ  إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُون ) ( سورة البقرة :102، 103 ) .
فأخبر - سبحانه - في هاتين الآيتين أن الشياطين يعلمون الناس السحر وأنهم كفروا بذلك ، وأن الملكين ما يعلّمان من أحد حتى يخبراه أن ما يعلّمانه كفر وأنها فتنة .
وأخبر - سبحانه - أن متعلمي السحر يتعلمون ما يضرّهم ولا ينفعهم ، وأنهم ليس لهم  عند الله من خلاق في الآخرة ، والمعنى ليس لهم حظٌ ولا نصيب من الخير في الآخرة .
     وبيّن - سبحانه - أن السحرة يفرقون بين المرء وزوجه بهذا السحر وأنهم لا يضرّون أحداً إلا بإذن الله المراد بذلك إذنه الكوني القدري لا إذنه الشرعيّ ، لأن جميع ما يقع في الوجود يكون بإذنه القـدريّ ، ولا يقع في ملكه ما لا يريده كونّا وقدراً ، وبيّن - سبحانه- أن السحر ضد الإيمان والتقوى .
     وبهـذا كلّه يُعلم أن  السّحر كفر وضلال وردة عن الإسـلام  إذا كان من فعله يدعي الإسلام ، وفي الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : [ اجتنبوا  السبع الموبقات ) قلنا : وما هن يا رسول الله ؟ قال [ الشرك بالله والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والتولي يوم الزحف ، وقذف  المحصنات المؤمنات الغافلات ] . فبين النبي ، صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الصحيح أن الشـرك والسحر من السبع  الموبقات أي : المهلكـات والشرك أعظمها ، لأنه أعظم الذنوب ، والسحر من جملته ولهذا قرنه الرسول ، صلى الله عليه وسلم  به ، لأن السحرة لا يتوصلون إلى السحر إلا بعبـادة الشياطين والتقرب إليهـم بما يحبون من الدعاء ، والذبح والنذر  والإستعانة وغير ذلك ، روى النسائي - رحمـه الله - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال : [ من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر ، ومن سحر فقد أشرك ، ومن تعلق شيئاً وُكل إليه ] وهذا  يفسر قوله تعالى في سورة الفلق : ( ومن شر النفاثات في العُقـد ) ( سورة الفلق : 4 ) . قال أهل  التفسير : إنهن الساحرات اللاتي يعقدن العقد وينفثن فيها بكلمات شركية يتقربن بها إلى الشياطين لتنفيذ مرادهم في إيذاء الناس وظلمهم .
     وقد اختلف العلماء في حكم الساحر ، هل يُستتاب وتقبل توبته ؟ أم يقتل بكل حال  ولا يُستتاب إذا ثبت عليه السحر ؟ والقول الثاني : هو الصواب ، لأن بقاءه مضر بالمجتمع الإسلامي والغالب عليه  عـدم الصدق في التوبة ، ولأن في بقائه خطراً كبيراً على المسلمين واحتج أصحاب هذا القول على ما قالوه : بأن عمر - رضي الله عنه - أمر بقتل السحرة ولم يستتبهـم وهو ثاني الخلفـاء الراشدين الذين أمر الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، باتباع سنتهم ، واحتجوا  أيضاً بما رواه  الترمذي - رحمه الله - عن جندب بن عبد الله البجلي أو عن جندب الخير الأزدي مرفوعاً وموقوفاً : ( حد الساحر ضربة بالسيف ) ، والصحيح عند العلماء وقفه على جندب .
     وصحّ عن حفصة أم المؤمنين - رضي الله عنها - أنهـا أمرت بقتل جارية لهـا سحرتها فقتلت من غير استتابة . قال الإمام أحمد - رحمه الله - ثبت ذلك - يعني قتل الساحر - من غير استتـابة عن ثـلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، يعني بذلك عمر ، وجندباً ، وحفصة .
    ومما ذكرنا يُعلم أنه لا يجوز إتيان السحرة وسؤالهم عن شيء ولا تصديقهم ، كما لا يجوز إتيان العرّافين والكهنة ، وأن الواجب قتل الساحر متى ثبت تعاطيه السّحر بإقراره أو بالبيّنة الشرعية من غير استتابة .
     أما العلاج للسحر فيعالج بالرّقى الشرعية والأدوية النافعة المباحة ، ومن أنفع العـلاج علاج المسحور بقراءة الفاتحة عليه مع النفث وآية  الكرسي ، وآيات السحر في الأعراف ، ويونس ، وطه ، وبقراءة ( قل يا أيها الكافرون ) و ( قل هو الله أحد ) ، و( قل أعوذ برب الفلق ) و( قل أعوذ برب الناس ) ، ويستحب تكرار هذه السور الثلاث ثلاث مرات مع الدعـاء  الصحيح المشهور الذي كان يدعو به النبي ، صلى الله عليه وسلم ، لعلاج المرضى وهو : [ اللهم رب الناس اذهب البأس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك  شفاء لا يغادر سقماً ] ويكرر ذلك ثلاثاً .
     ومن العلاج أيضاً إتلاف الشيء الذي يظنّ أنه عمل فيه السحـر من صوف أو خيوط معقدة  أو غير ذلك مما يُظن أنه  سبب السحر مع العناية من المسحور بالتعوذات الشرعية ، ومنها التعوذ  بكلمـات الله التّامّات من شرّ ما خلق ، ثلاث مرات صباحاً ومساءً ، وقراءة السور الثلاث المتقدمة بعد الصبح والمغرب ثلاث مرات ، وقراءة آية الكرسي بعد الصلاة وعند النوم .
   ويستحب أن يقول صباحاً ومساءً : ( بسم الله  الذي لا يضر مع اسمه  شيء في الأرض ولا في  السماء وهو السميع العليم ) ثلاث مرات ، لصحة ذلك كلّه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مع حسن الظنّ بالله والإيمان بأنه مسبب الأسباب ، وأنه هو الذي يشفي المريض إذا شاء ، وإنمـا التعوذات والأدوية أسباب ، والله - سبحانه - هو الشافي ، فيعتمد على الله سبحانه وحده دون الأسباب ، ولكن يعتقد أنها أسباب إن شاء الله نفع بها ، وإن شاء  سلبها المنفعة لما له - سبحـانه - من الحكمة البالغة في كل شيء ، لا مانع لما أعطى ، ولا معطي لما منع ، ولا رادّ لما قضى ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، وهو سبحانه ولي التوفيق .
       من فتاوى ابن باز
   حكم حل السحر بسحر مثله
 س : من كان به سحر ، هل يجوز أن يذهب إلى ساحر ليزيل السحر عنه ؟
ج : لا يجوز ذلك ، والأصل فيه مارواه الإمام أحمد ، وأبو داود بسنده عن جابر رضي الله عنهمـا قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النشرة فقال : " هي من عمل الشيطان "      .
         وفي الأدوية الطبيعية ، والأدعية الشرعية ، ما فيه كفاية فإن الله ما أنزل داء إلا أنزل له شفـاء علمه من علمه وجهله من جهله ، وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتداوي ، ونهى عن التداوي بالمحرم ، فقال صلى الله عليه وسلم : " تداووا ولا تتداووا بحرام " ، وروى عنه صلى الله عليه وسلم  أنه قال: " إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم  عليكم " .
     وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
 من فتاوى ابن باز
  الفرق بين السحر والكهانة والتنجيم والعرافة وحكمها
   سؤال : السحر والكهانة والتنجيم والعرافة هل بينها اختلاف في المعنى وهل هي سواء في الحكم ؟
     الجواب : السحر : عبارة عن عزائم ورقى وعقد يعملها السحرة بقصد التأثير على الناس بالقتـل أو الأمراض أو التفريق بين الزوجين  وهو كفر وعمل خبيث ومرض اجتماعي شنيع يجب استئصاله وإزالتـه وإراحة المسلمين من شره .
     والكهانة :
ادعاء علم الغيب بواسطة استخدام الجن ، قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن في فتح المجيد : وأكثر ما يقع في هذا ما يخبر به الجن أولياءهم من الإنس عن الأشياء الغائبة بما يقع في الأرض من الأخبـار فيظنه الجاهل كشفاً وكرامة ، وقد اغتر بذلك كثير من الناس يظنون المخبر بذلك عن الجن ولياً لله  وهـو  من أولياء الشيطان . انتهى .
     ولا يجوز الذهاب إلى الكهـان ، روى مسلم في صحيحه عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم : [ من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل صلاته أربعين يوماً ] وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ من أتى كاهناً فصدقه لما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ]     ( رواه أبو داود ) وروي الأربعة  والحاكم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم
] .
قال البغوي : والعراف هو الذي يدعي معرفة الأمور بمقدمات يستدل بها على المسروق ومكان الضـالة ، وقيل وهو الكاهن .
     وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : العراف اسم للكاهن والمنجم والرمال ونحوهـم ممن يتكلم في معـرفة الأمور بهذه الطرق . انتهى .
والتنجيم : هو الاستدلال بالأحوال الفلكية على الحوادث الأرضية وهو من أعمال الجاهلية وهو شرك أكبر إذا اعتقد أن النجوم تتصرف في الكون .

ليست هناك تعليقات: